ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الروايات الشريفة تحذّر من الحُمق

17:13 - March 11, 2024
رمز الخبر: 3494937
بيروت ـ إکنا: قد ذَمَّت الروايات الشريفة الحُمق وحذَّرت منه، واعتبرته مرضاً أخلاقياً خطيراً لا يبرأ ويعجز الخبير عن علاجه، وأنه أدوأ الداء، ولا يتأتّى منه الخير بال يتأتّى منه الضرر.

ورُوِيَ عن الإمام علِيّ (ع) أنه قال: "فَقْرُ الْأَحْمَقِ لا يُغْنيهِ الْمالُ".
 
الحُمقُ: فساد في العقل يجعل الإنسان يضعُ الشيء في غير موضعه، من قِلَّة التَّرَوّي، والتَّبَصُّر في العاقبة، فيفعل ما يضرَّه مع عِلمِه بقبحه، وهو من الصفات القبيحة التي يجب الحذر منها، ومعالجتها، وهو نقيض العقل وضِدُّه، والعقل إنما سُمِّيَ عقلاَ لأنه يمنع صاحبه عن صفات السَّفَه والجهل، ويحبِسه عن ذميم القول والفعل، والأحمق ناقص العقل والرَّأي، لا يُحسِن تسيير نفسه ولا غيره.

وقد ذَمَّت الروايات الشريفة الحُمق وحذَّرت منه، واعتبرته مرضاً أخلاقياً خطيراً لا يبرأ ويعجز الخبير عن علاجه، وأنه أدوأ الداء، ولا يتأتّى منه الخير بال يتأتّى منه الضرر، وأنه شقاء، بل الشقاء ذاته، وأنه أفقر الفقر، لأن كل الفقير إلى المال قد يغنى في مستقبله، أما الأحمق فإنه إن كان غنياً خسر ماله بحمقه، وإن كان ثرياً بدَّد ماله على ما لا فائدة منه، وقد يستحمقه الناس فيأخذون كل ثرواته، ولذلك رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "مَا العَدُوُّ إِلى عَدُوِّهِ أَسْوأ تَضْيِيْعاً مِنَ الأَحْمَقِ إِلى نَفْسِهِ".
 
وللأحمق علامات يُعرَف بها وهي: الجَهل، والعَجلة، والخِفَّة، والتَّهَوُّر، واللَّهو، والفُجور، والصَّلَف، والتَّكَبُّر، والغُرور، والإعجاب بنفسه وبرأيه، يرى الفضل كله له لا عليه، يظن أنه أعقل الناس، يرى نفسه مُحسِناً وإن كان مُسيئاً، ويرى عَجزه ذكاءً وفِطنة، وشَرَّه خيراً، ويتكل على الأماني ولا يبادر إلى العمل، ويوجب الحق كله لنفسه ولا يوجب عليها حقاً، ومن علاماته سُرعة الجواب، وترك التثبُّت، وكثرة الوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار والفُجّار، يختال في الفاقة والفقر، ويُكثِر من المَدح إذا مدح، ويكثر من الذَّمِّ إذا ذمَّ، وينكر الرذائل من غيره، ويقبلها من نفسه ويقيم عليها، ويمنع البِرَّ ويطلب الشُكرَ من الناس، ويفعل الشرَّ ويتوقع ثواب الخير، ويستخِفُّ بالناس عموماً وبأهل العلم خصوصاً، ولا يحُسُّ بالهَوان والذُّلّ،  فضولي يحشر أنفه في كل شيء، ويتكلم فيما لا يعنيه، ويُجيب عَمّا لا يُسأَلُ عنه، ويتلَوَّن حسبما يقتضيه الموقف، فهو مع كل الناس وضد كل الناس، يتبنى الموقف وما يُضادُّه، ويعتقد بالأمر وخلافه، وينتقل من نقص إلى نقص، ومن خسران إلى خُسران.
 
ووصف الإمام أمير المؤمنين (ع) الأحمق فقال: "الأحمَقُ إنِ اسْتُنبِهَ بجَميلٍ غَفَلَ، وإن اسْتُنْزِلَ عن حَسَنٍ نَزَلَ، وإن حُمِلَ على‏ جَهْلٍ جَهِلَ، وإنْ حَدّثَ كَذبَ، لا يَفْقَهُ، وإنْ فُقِّهَ لا يَتَفَقّه".
 
فمن تكن هذه صفاته التي يتصف بها فكيف لا يكون أفقر من أيِّ فقير، وليس افتقاره إلى المال كي يزال فقره به، الفقير إلى المال تعطيه المال فتغنيه، أما الفقير إلى العقل والفهم والوعي فما الذي يغنيه؟ حتى لو علمته لا يتعلم، وأفهمته لا يفهم، ونَبَّهتَه لا ينتبه، وحَذَّرتَه لا يحذر، ولذلك كان الحُمق أدوأ الداء، وكانت الخِلطة به والصُّحبة معه تجلب الداء إلى مخالطه وصاحبه.

ولهذا أوصى الإمام زين العابدين (ع) ولده الإمام الباقر (ع) فقال: "إيّاكَ يا بُنيَّ أنْ تُصاحِبَ الأحمَقَ أو تُخالِطَهُ، واهْجُرْهُ ولا تُحادِثْهُ؛ فإنّ الأحمَقَ هُجْنَةٌ غائباً كانَ أو حاضِراً، إنْ تَكَلَّم فضَحَهُ حُمقُهُ، وإنْ سَكَتَ قَصُرَ بهِ عِيُّهُ، وإنْ عَمِلَ أفسَدَ، وإنِ اسْتُرعِيَ أضاعَ، لا عِلمُهُ مِن نَفْسِهِ يُغْنيهِ، ولا عِلمُ غَيرهِ يَنْفَعُهُ، ولا يُطيعُ ناصِحَهُ، ولا يَستريحُ مقارِنُهُ، تَوَدُّ اُمُّهُ أنّها ثَكَلَتْهُ، وامْرَأتُهُ أنّها فَقَدتْهُ، وجارُهُ بُعدَ دارِه، وجَليسُهُ الوَحْدةَ مِن مُجالَسَتِهِ، إنْ كانَ أصْغَرَ مَن في المَجلِسِ أعْنى‏ مَن فَوقَهُ، وإنْ كانَ أكْبَرَهُم أفْسَدَ مَن دُونَهُ".
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha